ليس من كان مؤمنا عرف الله كمن كان فاسقا خوانا سوف يجزى الوليد خزيا ونارا وعلي لا شك يجزى جنانا فعلي يلقى لدى الله عزا ووليد يلقى هناك هوانا وفشت هذه الأبيات من قول حسان، وهذا الوليد جده أبو معيط كان أبوه ذكوان يقول: انه ابن أمية بن عبد شمس، وقيل: لم يكن ابنه بل كان عبده فاستخلفه فكان ينسب إلى غير أبيه، وأسلم يوم فتح مكة وولاه عثمان الكوفة في خلافته، إذ كان أخاه لأمه، فبقى واليا يشرب الخمر حتى صلى الفجر في مسجدها بالناس أربع ركعات وهو سكران، ثم قال: أزيدكم؟ وروى أنه قاء في المحراب وعرف الناس ذلك وقال الحطيئة فيه:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه ان الوليد معاقر الخمر (الأبيات بتمامها) وقصته وأخذ الحد منه معلوم، واشتهر حاله وظهر فسقه وعزل عن الكوفة، ومات بالرقة فانظر إلى الحكمة الإلهية التي هي سر هذه القضية، فإنه حيث أخبر علي عليه السلام بفسقه أظهره الله ذلك للناس من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، ومن الخبر إلى المعاينة، فكان الخمر جامعا لأسباب الفسوق وسوء السمعة، ثم أخذ الحد منه على رؤوس الاشهاد ليتحقق له ما وصفه به أمير المؤمنين عليه السلام وإذا ثبتت هذه الصفة للوليد تعين ثبوت الصفة الأخرى لعلي عليه السلام وهي الايمان.
ومن ذلك ما نقله القاضي الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي عن أنس ان رسول الله (ص) لما خصص جماعة من الصحابة كل واحد بفضيلة خصص عليا عليه السلام بعلم القضاء، فقال: وأقضاهم علي، وقد صدع هذا الحديث بمنطوقه وصرح بمفهومه ان أنواع العلم وأقسامه قد جمعها لعلي دون غيره، فان كل واحد ممن اختص بصفة لا يتوقف حصولها على غيرها من