السنن، ونطقت بها آيات الكتاب، وقررته بأدلة نظر محكمة الأسباب بالصواب، هامية السحاب بالمحاب ومفتحة الأبواب للطلاب، مثمرة إن شاء الله لجامعها جميل الثناء، وجزيل الثواب، فمن ذلك قوله تعالى وتقدس:
(لنجعلها لكم تذكرة وتعيها اذن واعية). روى الإمام أبو إسحاق إبراهيم الثعلبي في تفسيره يرفعه بسنده قال: لما نزلت هذه الآية (وتعيها اذن واعية) قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي: قال علي:
فما نسيت شيئا بعد ذلك، وما كان لي أن أنسى.
وروى الثعلبي والواحدي كل واحد منهما يرفعه بسنده الثعلبي في تفسيره والواحدي في تصنيفه الموسوم بأسباب النزول إلى بريدة الأسلمي - قال سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي: ان الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وان أعلمك وان تعي، حق على الله أن تعي قال فنزلت: (وتعيها اذن واعية).
ومن ذلك قوله تعالى: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون).
رواه المذكوران في تفسيرهما انها نزلت في علي عليه السلام وفي الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لامه، وذلك أنه كان بينهما تنازع في شئ فقال الوليد لعلي عليه السلام: اسكت فإنك صبي وانا والله أبسط منك لسانا، وأحد سنانا، واملأ للكتيبة منك، فقال علي عليه السلام اسكت فإنك فاسق فأنزل الله سبحانه تصديقا لعلي (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) يعني بالمؤمن عليا، وبالفاسق الوليد، وكفى بهذه القصة شهادة من الله عز وعلا لعلي بكمال فضيلته وانزاله قرآنا يتلى على الأبد بتصديق مقالته، ووصفه إياه بالايمان الذي هو عنوان عمله ونتيجة معرفته، وقد نظم هذه القصة حسان بن ثابت فقال:
أنزل الله والكتاب عزيز في علي وفي الوليد قرآنا فتبوأ الوليد من ذاك فسقا وعلي مبوء ايمانا