الفرسان، اطلعوا على مضمونها. سروا بإمارة يزيد وأطاعوا أمر أمير المؤمنين وبناء على إشارة أمير المؤمنين (1) جمع الجيش واتجه صوب قيسارية، ثم نزل في منزل يقال له (الكسوة) من أطراف دمشق. وأقاموا هناك عديدة أيام حتى تجتمع الجنود.
ثم وقف يزيد بن أبي سفيان خطيبا في الجيش فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم قال (2): أيها الناس، إن أمر أمير المؤمنين قد وصل إلي وفيه يأمرني بأن أسير بكامل الجيش نحو قيسارية وأن أدعو أهل تلك المنطقة إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام. فإن قبلوا الاسلام والايمان فهو المراد وإلا فسنحاربهم ونستعين بالله على فتح تلك البلدة. هذا هو الحال لتعلموا وتوطئوا قلوبكم على الغزو والجهاد، وتستبشروا بالغنيمة والفتح والثواب والشهادة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وحين فرغ يزيد من خطبته، اتجه الجيش إلى قيسارية، وحين وصلوها وجدوا كبار الروم وبطارقتهم وقواد هرقل مع جيش كثيف فانطلق حبيب بن مسلمة الفهري الذي كان على مقدمة جيش يزيد بن أبي سفيان ونزل قرب قلعة قيسارية وأخذ في الحصار. فرأى أن الجيش قد خرج من القلعة واتجهوا للقتال ضده وحملوا على حبيب وجيشه وهزموهم إلى معسكر يزيد. وحين رأى يزيد الحال أخذ في تعبئة الجيش فأعطى الميمنة (3) للأشتر النخعي وجعل على الميسرة الضحاك بن قيس الفهري، كما أعطى الجناح لعبادة بن الصامت، وعلى هذا الأساس انطلق حتى وصلوا إلى بوابة قلعة قيسارية فخرج إليهم جيش الروم والتحموا معا حتى التقت رؤوس الخيل فنادى يزيد بن أبي سفيان: أيها المسلمون: اثبتوا وحاذروا من الفرار الذي يوصل الانسان إلى نار جهنم، وبالخسارة للدنيا والآخرة. وحين سمع المسلمون هذا الكلام اشتدت عزيمتهم على الحرب وظلوا يحاربون من طلوع الشمس إلى غروبها حتى أظفرهم الله على عدوهم، فهرب الروم من أمامهم فلحق بهم المسلمون فقتلوا منه خلقا كثيرا وبعضهم التجأ إلى القلعة فنزل يزيد على بوابتها