قال: فكتب أبو عبيدة إليه أن يسير إلى فلسطين معونة لاخوانه المسلمين.
قال: فسار بمن معه من أصحابه حتى وافى أرض فلسطين. قال: ونظرت الروم إلى عساكر المسلمين قد وافتهم من كل أوب فانحازت الروم إلى موضع يقال له فحل ونزلوا هنالك.
قال: ورأى أبو عبيدة من الرأي أن يلحق بأصحابه فيكون معهم وأن لا يغيب عما هم فيه، فدعا برجل من المسلمين فولاه مدينة دمشق (1) وخرج حتى لحق بأصحابه، فعلمت الروم أن أبا عبيدة قد وافى بأصحابه.
ذكر رسالة الروم إلى أبي عبيدة وإجابته إياهم على كتابهم.
قال: فأرسلت الروم إلى أبي عبيدة: (أيها الشيخ! أخرج أنت ومن معك من (2) أهل دينك من بلادنا هذه التي تنبت الحنطة والشعير والفواكه والأعناب والخير الكثير وارجعوا إلى بلادكم بلاد القحط والجوع والبؤس والفقير وإلا أتيناكم فيما لا قبل لكم به من الخيل والجنود ثم لا ننصرف عنكم وفيكم عين تطرف وقد أعذر من أنذر). فقال أبو عبيدة بن الجراح لرسولهم الذي جاء إليه بهذه الرسالة: ارجع إليهم وبلغهم عني ما أقول، قال الرسول: قل ما تشاء، فقال: قل لهم عني: أما قولكم أن اخرجوا من بلادنا هذه فلستم لها بأهل فلعمري ما نحن أهلها، والله تبارك وتعالى هو الذي جاء بنا إليها ولم نكن بالذي نخرج عنها فقد ورثنا الله إياها فأخذناها بأسيافنا وفتحناها عنوة وغنما ونزعها الله من أيديكم وجعلها في أيدينا، وإنما البلاد بلاد الله والعباد عباد الله، وهو ملك الملوك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شئ قدير، وأما ما ذكرتم من بلادنا أنها بلاد البؤس والشقاء فقد صدقتم أنها لذلك كما ذكرتم وقد أبدلنا الله عنها ببلادكم هذه ليبلو صبرنا وشكرنا، ولما رأى الله تبارك وتعالى قلة صبركم وكثرة صبرنا وقلة شكركم وكثرة شكرنا رآنا لهذه البلاد أهلا وأبدلنا بلاد البؤس والشقاء ببلاد الخير الكثير والعيش الرفيع (3) والجناب الخصيب، وكنا أحق بها وأهلها لايماننا