كسرى بذلك غما شديدا، واستأمن أيضا قوم من الفرس إلى العلاء بن الحضرمي فآمنهم فصاروا بالبحرين حراثين وزراعين.
وجمع العلاء بن الحضرمي ما كان عنده من الغنائم فأخرج منه الخمس ووجه به إلى أبي بكر رضي الله عنه وكتب إليه يخبره بما فتح الله عز وجل عليه من البحرين، فكتب إليه أبو بكر رضي الله عنه بالجواب (1)، وأقره على البلاد. قال:
وندم المنذر بن النعمان بن المنذر على ما كان منه أشد الندامة ثم كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه من الشام هذه الأبيات (2).
ذكر ارتداد أهل حضرموت من كندة ومحاربة المسلمين إياهم.
قال: فلما فرغ أبو بكر رضي الله عنه من حرب أهل البحرين عزم على محاربة أهل حضرموت من كندة، وذلك أن عاملهم زياد بن لبيد الأنصاري (3) كان ولاه عليهم النبي (صلى الله عليه وسلم وآله) كان مقيما بحضرموت يصلي بهم ويأخذ منهم ما يجب عليهم من زكاة أموالهم، فلم يزل كذلك إلى أن مضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم وآله) لسبيله وصار الامر إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال له الأشعث بن قيس: يا هذا! إنا قد سمعنا كلامك ودعاءك إلى هذا الرجل فإذا اجتمع الناس إليه اجتمعنا، قال له زياد بن لبيد: يا هذا! إنه قد اجتمع المهاجرون والأنصار، فقال له الأشعث: إنك لا تدرى كيف يكون الامر بعد ذلك. قال: فسكت زياد بن لبيد ولم يقل شيئا، ثم قام إلى الأشعث بن قيس ابن عم له يقال له امرؤ القيس بن عابس من كندة فقال له: يا أشعث! أنشدك بالله وبايمانك وبقدومك إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم وآله) إن نكصت أو رجعت عن دين الاسلام، فإنك إن تقدمت تقدم الناس معك، وإن هذا الامر لابد له من قائم يقوم به فيقتل من خالف عليه، فاتق الله في نفسك، فقد علمت ما نزل بمن خالف أبا بكر ومنعه الزكاة، فقال له الأشعث بن قيس: إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد مضى لسبيله وإن العرب قد رجعت إلى ما كانت تعبده، فقال له: نحن أقصى العرب دارا فيبعث إلينا أبو بكر جيشا كما بعث إلى غيرنا،