لقاتلتهم عليه أبدا أو ينيبوا إلى الحق صغرة وقمأة، قال: فسكت أبو أيوب.
قال: ثم انصرف أبو بكر إلى منزله وأرسل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فدعاه وقال: إني عزمت على أن أوجه إلى هؤلاء القوم علي بن أبي طالب فإنه عدل رضا عند أكثر الناس لفضله وشجاعته وقرابته وعلمه وفهمه ورفقه بما يحاول من الأمور، قال: فقال له عمر بن الخطاب: صدقت يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم! إن عليا كما ذكرت وفوق ما وصفت ولكني أخاف عليك خصلة منه واحدة، قال له أبو بكر: وما هذه الخصلة التي تخاف علي منها منه؟ فقال عمر: أخاف أن يأبى لقتال القوم فلا يقاتلهم، فإن أبى ذلك فلم تجد أحدا يسير إليهم إلا على المكروه منه، ولكن ذر عليا يكون عندك بالمدينة فإنك لا تستغني عنه وعن مشورته وأكتب إلى عكرمة بن أبي جهل فمره بالمسير إلى الأشعث وأصحابه، فإنه رجل حرب وأهل لما أهل له، فقال أبو بكر رضي الله عنه: هذا هو الرأي.
ذكر كتاب أبي بكر إلى عكرمة بن أبي جهل.
قال: ثم كتب أبو بكر رضي الله عنه إلى عكرمة، وعكرمة يومئذ بمكة (1):
(أما بعد فقد بلغك ما كان من أمر الأشعث بن قيس وقبائل كندة، وقد أتاني كتاب ابن لبيد يذكر أن قبائل كندة قد اجتمعوا عليه وعلى أصحابه وحصروهم في مدينة تريم بحضرموت، فإذا قرأت كتابي هذا فسر إلى زياد بن لبيد في جميع أصحابك ومن أجابك من أهل مكة، واسمع له وأطع فإنه الأمير عليك، وانظر لا تمرن بحي من أحياء العرب إلا استنهضتهم وخرجت معهم إلى محاربة الأشعث بن قيس وأصحابه - إن شاء الله تعالى والسلام) (2).
قال: فلما ورد كتاب أبي بكر رضي الله عنه على عكرمة وقرأه نادى في أصحابه ومن أجابه من أهل مكة، وخرج في ألفي فارس من قريش ومواليهم وأحلافهم.