فأحمد الله تعالى على ذلك وأشكره إذ نزع لك هذا منه، قال: فقبض حسان ذلك.
ذكر الطاعون الذي وقع بالشام ومن مات هنالك من المسلمين.
قال: ثم وقع الطاعون بالشام بأرض يقال لها عمواس (1) من بلاد فلسطين، قال: وعمواس قرية من قرى مدينة الرملة، قال: فمات من ذلك بشر كثير من المسلمين ممن كان مع أبي عبيدة بن الجراح من أمراء الأجناد وغيرهم، قال: ونزل بأبي عبيدة ما نزل بغيره، فلما حضرته الوفاة بعث إلى وجوه المسلمين فدعاهم، فلما دخلوا عليه وجلسوا إليه أقبل عليهم بوجهه فقال: أيها الناس! إني موصيكم بوصية فاقبلوها فإنكم لن تزالوا بخير ما بقيتم متمسكين بها وبعد موتكم، أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا وتصدقوا وحجوا وتواضعوا وتباذلوا وتواصوا وانصحوا (2) أمراءكم ولا تغرنكم الدنيا (3)، فإن أحدكم لو عمر ألف سنة ما كان له بد من أن يصير إلى مثل مصيري (4) هذا الذي ترون، لان الله عز وجل قد كتب الموت على بني آدم فهم متوفون، وأكيسهم أطوعهم لربه وأعملهم ليوم معاده.
قال: ثم التفت أبو عبيدة إلى معاذ بن جبل فقال: أبا عبد الرحمن! صل بالنار رحمك الله! فقد استخلفتك عليهم من بعدي. قال: ثم توفى أبو عبيدة رحمة الله عليه بالأردن من أرض الشام، وبها قبره.
قال: وقام معاذ بن جبل بعد أبي عبيدة بأمور المسلمين، فخطب الناس بعد وفاة أبي عبيدة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! توبوا إلى الله توبة نصوحا، فليس من عبد يلقى الله وهو غير تائب من ذنبه إلا كان حقيقا على الله أن لا يغفر له إلا أن تتداركه الرحمة، وانظروا! من كان عليه منكم دين فليقضه، فإن العبد