ذكر توجه عمرو بن العاص نحو النوبة وفتحها.
ثم نادى عمرو بالرحيل نحو بلاد النوبة وكان معه عشرون ألف رجل، وحين وصل الجيش إلى أرض النوبة، ذهبت فرق من الجيش للإغارة على تلك النواحي (1) وحين رأى رجال النوبة أن الجيش أخذ يغير على أموالهم فجمعوا مئة ألف رجل، وعزموا على الحرب على المسلمين وكانت حربا من نوع لم يشهد المسلمون مثله من قبل، فقد تناثرت الرؤوس والأيدي واقتلعت العيون بلا حساب. وقد قال أحد وجهاء المسلمين: إنني لم أر قوما يجيدون الرماية بالسهام (2) مثلهم فقد كان يقف بعض أهالي النوبة في مواجهة المسلمين ويقول: في أي جهة تريدون أن أرميه فيقول له رفاقه: الجهة الفلانية. وفورا يرمي الجهة المحددة ويصيبها بدون خطأ وينقل عن الواقدي رحمه الله عن أحد شيوخ حمير، ممن اشتركوا في تلك الحرب فقال: كنا واقفين في أحد الميادين صفا بإزاء أهل النوبة وفي خلال ساعة واحدة قلعت مئة وخمسون عينا رماها النوبيون بالسهام ولقد حاربناهم حتى نصرنا الله عليهم. فقتلنا منهم خلقا كثيرا ومن نجا من السيف فر] (3) إلى البراري والجبال. فلم يتبعهم عمرو بن العاص ولا قدر منهم على أسير وأحد، ولا على دينار ولا درهم (4). قال:
ثم سار عمرو بن العاص بالمسلمين يريد البربر.