ذكر مسير العلاء بن الحضرمي إلى البحرين ومحاربة الكفار الذين بها.
قال: فلما نظر أبو بكر رضي الله عنه في هذه الأبيات اغتم فيه غما شديدا لما فيه من ذكر عبد القيس وما قد اجتمع عليهم من كفار الفرس وبني بكر بن وائل، فدعا برجل من المسلمين يقال له العلاء بن الحضرمي (1) فعقد له علما وضم إليه ألفي رجل من المهاجرين والأنصار وأمره بالمسير إلى البحرين إلى نصرة عبد القيس ثم قال له: انظر يا علاء! لا تمرن بحي من أحياء العرب إلا استنهضتهم إلى محاربة بني بكر بن وائل فإنهم قد أتوا بالمنذر بن النعمان بن المنذر من عند كسرى ملك الفرس وقد عقدوا التاج على رأسه، وقد عزموا على إطفاء نور الله وقتل أولياء الله. فسر وقل: لا حول ولا قوة إلا بالله.
قال: فسار العلاء بن الحضرمي حتى صار بأرض اليمامة فاستقبله ثمامة بن أثال الحنفي وكان مسلما تقيا فسلم عليه ثم قال: أين تريد يا علاء؟ فإني أرى معك جيشا كثيفا! فقال: والله! أريد بني بكر بن وائل، فإنهم قد أتوا بالمنذر بن النعمان من عند كسرى، وقد ارتدوا عن دين الاسلام وقد اجتمعوا على عبد القيس يريدون قتلهم وبوارهم وقد أمرني الصديق أن استنهض كل من لقيني من المسلمين إلى حربهم، فهل لك أن تكون أول من أجاب إلى هذه الدعوة؟
قال: فقال ثمامة: ويحك يا علاء! أنت تعلم أن قومي قريبو عهد بالردة مع مسيلمة الكذاب وما أظنهم يجيبوا إلى ذلك. ولكن أرقب على قليلا حتى أذوق القوم وانظر ما عندهم، ثم أرسل ثمامة بن أثال إلى جماعة من بني حنيفة فدعاهم، فلما اجتمعوا عنده أقبل عليهم فقال لهم: يا بني حنيفة! هل لكم أن يرفع الله عز وجل رؤسكم مما كان منكم مع مسيلمة؟ فقالوا: وما ذاك؟ فقال: تسيرون مع العلاء بن الحضرمي إلى البحرين فتقاتلون على الحق، فقالوا: ولمن نقاتل؟ فقال: تقاتلون قوما لو أدعوكم إلى قتالهم لقاتلوكم على الباطل، فقال له رجل من قومه: يا ثمامة! حسبنا ما كان منا من الخروج مع مسيلمة حتى فنيت رجالنا وذهبت أموالنا وسبيت أولادنا ونساؤنا.