حتى تفرقوا في الحصون. واحتوى المسلمون على غنائم الروم فجمعوها، وقدم خالد من أسر منهم وهم يزيدون على ثمانمائة رجل، فضرب أعناقهم صبرا وما أبقى على واحد منهم.
ذكر كتاب خالد بن الوليد إلى أبي بكر رضي الله عنه بخبر وقعة أجنادين (1) بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله بن عثمان خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم وآله)، من خالد بن الوليد سيف الله المصبوب على أعداء الله المشركين، سلام عليك! أما بعد فإني أخبرك أيها الصديق! إنا لقينا المشركين بموضع من أرض الشام يقال له أجنادين وقد جمعوا لنا جموعهم ورفعوا صلبانهم ونشروا أناجيلهم (2) وتقاسموا بأيمانهم أنهم لا يفرون ولا يبرحون ولا ينصرفون حتى يقتلونا ويبيدونا (3) ويخرجونا من بلادهم، فلقيناهم ونحن بالله واثقون وبحبله معتصمون وعليه متكلون، فطاعناهم بالرماح وكافحناهم بالصفاح وأرميناهم بالسهام وأذقناهم حر الحمام، فلم نزل كذلك حتى أعز الله عز وجل نصرة الاسلام وأظهر أمره وأنجز وعده وأفلح جنده وهزم الكافرين وحده، فقتلنا في كل واد وحجر وتحت كل شجر ومدر، فأحمد الله عز وجل يا خليفة رسول الله على إعزاز دينه وأوليائه وإذلال أعدائه وحسن صنعه بالمسلمين، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. (4) قال: فلما قرأ أبو بكر الكتاب الذي لخالد بن الوليد تهلل لذلك وجهه فرحا وفرح فرحا شديدا وسر سرورا ظاهرا، ثم رمى بالكتاب إلى عمر بن الخطاب، فلما قرأ الكتاب قطب حاجبه وعبس وجهه ثم قال: قبح الله صلف خالد وتيهه وعجبه بنفسه! يكتب إليك (من خالد بن الوليد سيف الله المصبوب على أعدائه) إن سيف الله هو الذي وضعه بذلك الموضع. قال: فسكت أبو بكر هنيهة ثم قال: أبا حفص! الحمد لله على نصر المسلمين فقرت بذلك عيوننا، فقال عمر: نعم