تغلبونا على بلادنا، وقد طلب هذا منا قبلكم من كان أكثر منكم عددا وعددا، وأقوى منكم جيشا وجندا، فرددناهم منا على أعقابهم فلم ينقلبوا منا إلا وهم من بين قتيل وأسير وشريد وطريد، ولقد أرادت منا هذا الذي تريدون أنتم منا، فلعله قد بلغكم ما نزل بهم منا، وبعد فإنه لم تكن أمة من الأمم من أهل المشرق، والمغرب أقل (1) منكم عندنا شأنا ولا أصغر أقدارا وأخطارا، لأنكم رعاة الشاة والإبل وأهل الصخر والحجر والصوف والوبر، وأنتم الان في ذلك تطمعون أنفسكم أن نخلى (2) لكم البلاد، فبئس ما ظننتم، ولقد كنا نظن أنكم إنما أتيتمونا إلى هذا البلد لجهد نزل بكم من جدوبة الأرض وقحط المطر، فإذا أنتم قد استوطنتم بلادنا، وركبتم مراكبنا الذي ليست كمراكبكم، ولبستم ثيابنا الذي ليست كثيابكم، وأصبتم نساء ليست كنسائكم السود المهازيل لكنهم بنات الأصفر البيض الخدود الكريمات الجدود التي وجوههن كأنهن صفائح الفضة البيضاء، ثم إنكم طعمتم طعاما ليس كطعامكم وملاتم أيديكم من الذهب والفضة والمتاع الفاخر من الحرير والديباج وغير ذلك، وبعد فهذا كله لنا في أيديكم ونحن نسلمه لكم، فخذوه وانصرفوا إلى بلادكم، وإن أنتم أبيتم ذلك وشرهت أنفسكم إلى غير ذلك فإنا نزيدكم من بيوت أموالنا ما نقوى به الضعيف منكم ونرى الغائب منكم قد رجع إلى أهله بخير، نأمر (3) لأميركم عمر بن الخطاب بعشرة آلاف دينار، ولاميركم أبي عبيدة بخمسة آلاف دينار، ولك بمثل ذلك، ونأمر لمائة رجل من رؤسائكم لكل رجل منهم بألف دينار، ولسائر من معكم من الجنود بمائة دينار، ولرجالتكم لكل رجل منهم بخمسين دينارا على أن نأخذ عليكم العهود والمواثيق والايمان المغلظة، وأنكم تنصرفون عنا ولا ترجعون إلى بلادنا أبدا، فهذا ما عندي وقد عرضت عليك ما عندي، فهات ما عندك الآن وقل ما بدا لك وإياك الاشتطاط.
ذكر كلام خالد بن الوليد لماهان وجوابه.
قال خالد: الحمد لله! قال ماهان: نعم ما قلت! قال خالد: وأشهد أن لا إله إلا الله! قال ماهان: نعم ما قلت! قال خالد: وحده لا شريك له! فسكت ماهان