التي نزلوها (1)، كتابي هذا وأنتم غالبون فكثيرا ما نتذكر من فضل الله تعالى والاحسان، وإن تأتكم نكبة أو مسكم قرح فلا تهنوا ولا تحزنوا ولا تستكينوا فأنتم الأعلون والله معكم، فإنما هي دار الله والله تعالى فاتحها عليكم ونازعها من أيدي عدوكم، فاصبروا إن الله مع الصابرين - والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ذكر وقعة فحل من أرض فلسطين ومن قتل فيها من المسلمين وغيرهم.
قال: فلما ورد كتاب عمر رضي الله عنه على أبي عبيدة بن الجراح نادى في المسلمين فاستنهضهم إلى حرب الروم.
قال: وعلمت الروم بذلك فرجعوا إلى حرب المسلمين في ستين ألفا ويزيدون من بين فارس وراجل وقد رفعوا صلبانهم ونشروا أعلامهم وعبوا كراديسهم، قال:
وعبى أبو عبيدة أصحابه كما كان يعبيهم من قبل ودنا القوم بعضهم من بعض، وحملت كتيبة من الروم على يزيد بن أبي سفيان (2) وهو في الميمنة، فلم يزل هو ولا أحد من أصحابه، وحملت كتيبة من الروم على شرحبيل وهو في الميسرة، فثبت وثبت الناس معه، وحملت كتيبة أخرى فيها أكثر من عشرة آلاف فارس على خالد بن الوليد وهو في القلب، فلم يتحلل أحد منهم لكنهم شرعوا الرماح في وجوههم ورشقوهم بالسهام، فرجعوا إلى ورائهم وعجبوا من حسن وقوف المسلمين وجودة صبرهم لهم.
وصاح أبو عبيدة بن الجراح (3) قال: أيها الناس! إنه لم يبق من جد القوم إلا ما رأيتم فاحملوا الآن عليهم حملة صادقة فاستوجبوا من الله النصر بالصبر، وليبشر كل من قتل منكم بالشهادة ومن بقي بالنصر والغنيمة، ووطنوا أنفسكم على القتال الشديد، وعليكم بالضراب والطعان ومنازلة الاقران فإنه لن يدرك ما عند الله عز وجل إلا بالطاعة والصبر في المواطن المكروهة وإن الله مع الصابرين.