[يوم أرماث] وعبى سعد بن أبي وقاص أصحابه، فكان يومئذ في قريب من أربعين ألفا، وقد كان عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما فأمدهم بعشرين ألفا من أهل الشام، فصار سعد في ستين ألفا. فلما كان ذلك اليوم وعزم على محاربة الفرس جعل على ميمنته عمرو بن معدي كرب الزبيدي وجرير بن عبد الله البجلي في عشرة آلاف بين فارس وراجل، وجعل على ميسرته إبراهيم بن حارثة الشيباني (1)، وعلي بن جحش العجلي في عشرة آلاف من بين فارس وراجل، وجعل في القلب طليحة بن خويلد الأسدي والمنذر بن حسان الضبي في عشرة آلاف فارس وخمسة آلاف راجل. وفرق من بقي منهم في الأجنحة والكمناء، فكان أول من تقدم يومئذ من الفرس مهران صاحب أذربيجان وعليه قباء حرير وقرطق ديباج، وفي وسطه منطقة من الذهب مرصعة بالجوهر، وفي أذنه قرطان من الذهب في كل قرط حبتان من بنات الدر، وتحته فرس له أشقر، وفي يده سيف له حسام قاطع، فجعل يقول بالعربية: ندق العرب دقا دقا! فقال له رجل من أصحابه: قل إن شاء الله، فقال: إن شاء الله وإن لم يشأ (2). فقال سعد بن أبي وقاص: أيها المسلمون! قد طغى وبغى فأخرجوا إليه! فخرج إليه المنذر بن حسان الضبي وحمل عليه وطعنه طعنة أرداه عن فرسه، فذهب مهران يقوم فبادر إليه المنذر بن حسان فرمى بنفسه عن فرسه وشد على مهران ليضربه بسيفه فالتقاها برجله، فضرب المنذر بن حسان رجل مهران فقطعها وغار فرس المنذر فعدا إليه ليأخذه وأمعن الفرس في الركض، فبادر جرير بن عبد الله إلى مهران فنزل إليه فأخذ بلحيته واختر رأسه، وأخذ ما كان عليه من الثياب، ولحق المنذر بن حسان فرسه فأخذه ثم رجع إلى مهران ليسلبه فإذا جرير بن عبد الله قد سبقه وأخذ سلبه فقال له المنذر: أبا عمرو!
أنا قتلت مهران وسلبه لي ولا حق لك فيه، وإنما شغلني عنه فرسي، ولقد كنت سيدا في الجاهلية وأنت اليوم سيد في الاسلام، ولا يجمل بك أن تأخذ ما ليس لك، فاردد علي السلب، قال جرير: فادفع إلى المنطقة وخذ باقي السلب، فقال