فلسطين فأمرهم أن لا يعجلوا بالمحاربة على عدوهم إلى أن يوافيهم خالد بن الوليد.
قال: وخرج خالد بن الوليد من دمشق في خمسة آلاف فارس يريد بعلبك، وخرج معه أبو عبيدة ليشيعه فجعل يوصيه ويقول له: أبا سليمان! أوصيك بتقوى الله وحده لا شريك له، فإذا أنت وافيت القوم فلا تطاولهم فإنهم في حصونهم وديارهم يأكلون ويشربون وينتظرون أن تأتيهم امداد من الروم فيقووا بهم، وإذا عاينوك وإلى خيلك يخافوك فاتقوا ناحيتك، فإن أنت ناظرتهم وطاولتهم ذهب الرعب من قلوبهم ورجعت إليهم أنفسهم فأجنوا عليك وعلى أصحابك، وإن أنت كفيتهم وهزمتهم انقطع رجاؤهم (1) واشتد رعبهم فسر يرحمك الله! فإن احتجت إلى مدد فابعث إلي حتى أمدك بنفسي ومن معي من المؤمنين إن شاء الله ولا قوة إلا بالله. فقال له خالد:
إني قد قبلت وصيتك أيها الأمير! فارجع إلى أصحابك راشدا يرحمك الله! قال:
فوادعه أبو عبيدة ورجع إلى دمشق، ومضى خالد في خمسة آلاف فارس من خيله وأصحابه الذي يعتمد عليهم ويقاتل حتى صار إلى بعلبك.
ذكر الوقعة بمدينة بعلبك.
قال: ونظر أهل بعلبك إلى خيل المسلمين قد وافتهم فاستقبلوهم بالعطعطة (2) والنعير، والتقى القوم فاقتتلوا من ضحوة النهار إلى قريب الظهر، ثم صاح خالد بالناس: أيها المسلمون! ليس هذا يوم مطاولة وأنا حامل فاحملوا رحمكم الله!
قال: ثم حمل خالد والمسلمون معه فقتلوا من الروم حتى احمرت الأرض من دمائهم وأفلت منهم من أفلت بشر حالة تكون حتى لحقوا ببيسان (3) وصار بعضهم إلى فلسطين وما والاها، واحتوى خالد بن الوليد على أموال وسلاح وخيل وسبي كثير فوجه به كله إلى دمشق إلى أبي عبيدة بن الجراح وخبره بما فتح الله عز وجل على يديه من أمر بعلبك.