قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: الكوفة قبة الاسلام وكنز الايمان وجماجم العرب ورمح الله الأطول وبهم يدق الله عز وجل أجنحة المنافقين.
قال: فلما استقر سعد بن أبي وقاص بالكوفة وجه بخيله إلى ناحية الأنبار وما يليها وهيت (1) وما والاها إلى أرض غابات إلى ما سقى الفرات فافتتح ذلك إلا قليلا.
قال: ثم كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي عبيدة بن الجراح بالشام يأمره بالمسير إلى أهل بيت المقدس (2) ويأمره بمحاربتهم ومحاربة من يليهم من الكفار.
ذكر فتح بيت المقدس على يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال: فلما ورد كتاب عمر على أبي عبيدة رضي الله عنهما دعا بسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فولاه دمشق، ثم خرج بمن معه من المسلمين حتى صار إلى بلاد الأردن فنزل هنالك (3) ثم كتب إلى أهل بيت المقدس كتابا فيه (4): (بسم الله الرحمن الرحيم، من أبي عبيدة الجراح إلى بطارقة أهل إيلياء وسكانها، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله العلي الاعلى، أما بعد! فإني آمركم أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله عليه السلام، وأن ما جاء به من عند الله عز وجل حق، والجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فإذا شهدتم بذلك فقد حرمت علينا دماؤكم وأموالكم إلا بحقها، وأنتم إخواننا في ديننا وشركاؤنا في حظنا، (5) وإن أبيتم ذلك سرت إليكم بقوم هم أحب للموت... (6) لشرب الخمور وأكل لحم الخنزير، ثم لا أرجع عنكم أبدا إن شاء الله تعالى حتى أقتل مقاتلتكم وأسبى ذريتكم وأقسم أموالكم، فاختاروا