وقاص فقال: يا هاشم! إن من سعادة جدك، ووفاء حظك أنك أصبحت ممن تستعين به الأمة على جهاد عدوها، وممن يثق الوالي بوفائه وصدقه ونصحه وبأسه وشجاعته، وقد بعث أبو عبيدة بن الجراح والمسلمون يخبرونني باجتماع الكفار عليهم، فأخرج فعسكر حتى أندب إليك الناس إن شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال هاشم بن عتبة: أفعل ذلك إن شاء الله ولا أعصى لك أمرا.
قال: فعندها قام أبو بكر رضي الله عنه في الناس خطيبا فحمد الله عز وجل وأثنى عليه، ثم قال (1):
أيها الناس! إن إخوانكم من المسلمين الذين أغزيناهم إلى الشام إلى جهاد عدوهم معافون، مدفوع عنهم، مصنوع لهم، قد ألقى الله الرعب في قلوب أعدائهم وقد جاءني كتاب أبي عبيدة يخبرني بهرب هرقل ملك الروم من بين أيديهم، ونزوله مدينة أنطاكية، وقد اجتمع عليه خلق كثير من النصرانية، وقد رأيت أن أمد إخوانكم بجند منكم فيشد الله عز وجل بكم ظهورهم، ويكبت بكم أعدائهم، ويلقى الرعب في قلوبهم، فانتدبوا، رحمكم الله، مع هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، واحتسبوا في ذلك الاجر العظيم، فإنكم إن قاتلتم ونصرتم فهو الفلح (2) والغنيمة وإن هلكتم فهو الشهادة والسعادة.
قال: فانتدب لأبي بكر خلق كثير من همدان وأسلم وغفار ومزينة ومراد والأزد وجميع القبائل (3)، وفيمن انتدب إليه يومئذ رجل من الأزد يقال له الهلقام بن الحارث بن معمر بن النضر بن خليد التكي (4) وكان يعد بألف فارس، وله قصة عجيبة من قبل إسلامه، ذكر أنه كان بدء أمر الهلقام بن الحارث أن العرب في الزمن الأول كانت يغير بعضها على بعض ويقتل بعضها بعضا.
ذكر الهلقام بن الحارث وما كان من أمره قبل إسلامه رواه بعض العلماء عن آخر.
قال: ولم يكن في ذلك العصر في قيس غيلان خاصة أفرس من هؤلاء الثلاثة