المسلمين، فوقف على مسيلمة وهو مقتول ونظر إليه فإذا هو أصفر أحمش (1) ضعيف البدن، فقال خالد بن الوليد: أين مجاعة بن مرارة؟ فقال: ها أنا ذا - أصلح الله الأمير! فقال: هذا صاحبكم الذي أوقعكم (2)! فقال مجاعة: نعم - أصلح الله الأمير! هذا صاحبنا فلعنة الله عليه فلقد كان مشوما على نفسه وعلى بني حنيفة.
قال: ثم جعل مجاعة بن مرارة يقول (3):
ذكر الصلح الذي جرى بين خالد بن الوليد وبين مجاعة بن مرارة.
قال: ثم أقبل مجاعة على خالد فقال: أيها الأمير! هلم فصالحني على من ورائي من الناس، فإني أعلم أنه ما أتاك إلى الحرب إلا سرعان الخيل (4)، فقال خالد: ويلك ما تقول يا مجاعة! فقال: أقول إن الحصون مملوءة رجالا وسلاحا!
قال: فظن خالد أنه كما يقول مجاعة، فجعل يقدم ويؤخر في الصلح.
قال: وأرسل مجاعة إلى الحصون فأمر النساء أن يلبسن... (5) والمغافر ويتقلدن ويقفن على أسوار الحصون حتى ينظر إليهن خالد. قال: ففعل النساء ما أمرهن به مجاعة ولبسن السلاح، فلما وقفن على حيطان الحصون ونظر إليهن خالد قال: ويحك يا مجاعة! إني أرى حصونكم مملوءة رجالا وسلاحا، فقال له مجاعة: قد خبرتك بذلك أيها الأمير ولكنك أبيت أن تصالحني، قال خالد بن الوليد: فإني قد صالحتك. قال: فصالحه خالد على ما ظهر من الصفراء والبيضاء من الذهب والفضة وعلى ثلث الكراع وربع من السبي. وأقبل مجاعة نحو الحصون فإذا هو بامرأة من بني حنيفة قد رفعت صوتها وهي تقول (6)، قال: فدنا منها