قادرين مقتدرين في أنفسهم يظنون أن لا غالب لهم من الناس، ثم إنهم برزوا إلينا وأظهروا البغي علينا، فتوكلنا على ربنا ورفعنا إليه رغبتنا فرزقنا الله عليهم الظفر، فقتلنا منهم خلقا كثيرا وأغنمنا الله عز وجل أموالهم وما كان في عسكرهم، وقد أهدى الله الشهادة إلى رجال من المسلمين، منهم عمرو بن سعيد بن أبي أجنحة (1) وسعيد بن عمرو بن قيس بن الحارث وفلانا وفلانا (2)، وصرف الله وجوه المشركين وتبعهم المسلمون يقتلونهم حتى اعتصموا بحصنهم فحل ومضى فلهم في البلاد مشردين، وأفاء الله على المسلمين عسكرهم فحووا ما كان فيه واحتووا على بلادهم، وأنزلهم الله من صياصيهم (3) وقذف الرعب في قلوبهم، فأحمد الله يا أمير المؤمنين على إعزاز دينه وإظهار حجته! وادع لنا بالنصر وإتمام النعم وإظهار الفلح وإلهام الشكر - والسلام عليك ورحمة الله وبركاته -.
قال: فلما ورد كتاب أبي عبيدة على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وقرأه وفهم ما فيه فرح بذلك واستبشر، وفرح المسلمون واستبشروا بما فتح الله عز وجل على إخوانهم من أرض الشام، ثم قسم عليهم عمر بن الخطاب ذلك الخمس الذي وجه به إليه أبو عبيدة بن الجراح، ثم كتب عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح يأمر بأن يتمسك بما فتح الله عز وجل على يديه ولا يحارب أحدا من الروم إلى أن يفرغ سعد بن أبي وقاص مما هو فيه من أمر العراق.
قال: فلما ورد الكتاب إلى أبي عبيدة رحل من بلد الأردن حتى صار إلى دمشق فنزلها وفرق أصحابه في البلاد التي فتح الله عز وجل على يده.
قال: وأنجز الشتاء عن سعد بن أبي وقاص، وكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمره بالمسير إلى العراق والمناجزة للعدو.
ذكر مسير سعد بن أبي وقاص إلى القادسية ونزوله عليها ومحاربتهم. قال: فسار سعد بن أبي وقاص حتى نزل بالقادسية، واجتمعت إليه العساكر