المنذر بن حسان: إذا لا أفعل لأني أنا طعنت مهران وأنا صرعته عن فرسه وأنا قطعت رجله، فإن أبيت أن تعطيني السلب فالله بيني وبينك - والسلام، فلما سمع جرير هذه المقالة من المنذر بن حسان استحيى من ذلك فصالحه أن يأخذ السلب ويدفع إليه المنطقة، فرضى المنذر بذلك فأخذ المنطقة وسلم إلى جرير السلب، فقوم السلب فكانت قيمته بضعة عشر ألف درهم، وقومت المنطقة فكانت قيمتها ثلاثين ألف دينار.
[يوم أغواث] قال: واقتتل القوم قتالا شديدا إلى أن جاء الليل فحجز بين الفريقين. فلما أصبح القوم (1) دنا بعضهم من بعض، وهذا اليوم يوم أغواث، فأول من تقدم من الفرس رجل يقال له فيروز (2) على فيل مزين مشهر بغاية الشهرة والفرس عن يمينه وشماله. قال: ونظر إلى ذلك الفيل رجل من بني أسد يقال له أسد ويكنى أبا الموت ولقبه زبيبل وكان فارسا بطلا، فعزم على الخروج إلى هذا الفيل، ثم أحمى فرسه حتى أقامه على سنابكه، ثم حمل على الفيل فضرب خرطومه ضربة قطعه، ورماه سائس الفيل بحربة كانت في يده فقتله - رحمة الله عليه -. قال: وسقط الفيل ميتا وسقط فيروز عن ظهره، فحمل المسلمون عليه فقتلوه.
ثم حمل المسلمون بأجمعهم حملة واحدة من القلب فكشفوا الفرس وهزموهم عن القادسية وما يليها، وصار قصر القادسية في أيدي المسلمين فأصابوا منه سلاحا كثيرا وأموالا ليست بكثيرة وأطعمة كثيرة وكان قصرا عاليا مشرفا له مناظر ونزله سعد بن أبي وقاص، ونظرت الفرس إلى القصر وقد أخذ منهم، اغتموا لذلك غما شديدا وباتوا ليلتهم يدبرون أمرهم بينهم.