فجعلوا يجمعون الأموال والغنائم حتى جمعوا شيئا كثيرا لم يظنوا أنه يكون هناك، قال: فقال رجل من المسلمين: رحم الله المثنى بن حارثة الشيباني! أما أنه لو كان حيا لقرت عيناه بهذا الفتح، فإني كنت أسمعه مرارا يقول: وددت أني قد رأيت فتح جلولاء ولو قبل موتي بيوم واحد! قال: فقال عبيد بن عمرو البجلي: نعم فرحم الله المثنى بن حارثة! إنه وإن كان قد مضى لسبيله لم تقر عينه بفتح جلولاء لقد قرت عيناه بالجنة إن شاء الله وقد قدم على ما قدم من الثواب الوافر، ثم أنشأ عبيد بن عمرو البجلي يقول في ذلك - شعر:
أبشر مثنى فقد لاقيت مكرمة * يوم التغابن لما ثوب الداعي سل أهل ذي الكفر مهرانا وأسرته * يوم البجيلة إذ خلوا عن القاع وأسلموا ثم مهرانا ببلقعه * يوم العروبة مطروحا بجعجاع وفي جلولا أثرنا كل ذي بدع * بكل صاف كلون الملح لماع في كف كل كريم الجد ذو حسب * حامى الحقيقة للاواء دفاع قال: ثم رجع هاشم بن عتبة بغنائم جلولاء فوجه بها إلى المدائن إلى عمه سعد بن أبي وقاص.
ذكر مسير المسلمين بعد فتح جلولاء إلى خانقين وغيرهما.
قال: ثم سار المسلمون يريدون خانقين (1) وعلمت الفرس بذلك فرحلوا من خانقين إلى قصر شيرين (2) فمروا بها ولم يقيموا حتى صاروا إلى حلوان وبها يومئذ يزدجرد ملك الفرس في جماعة من الأساورة والمرازبة، فلما بلغه هزيمة أصحابه بجلولاء وأنهم قد وافوه بحلوان دعا رجلا من قواده من الأعاجم يقال له منوشهر بن هرمزدان (3) فاستخلفه على حلوان ثم رحل فيمن كان معه من أصحابه هاربا حتى صار