[حين وصلت رسالة عمرو بن العاص إلى عمر رضي الله عنه حول وفاة معاذ بن جبل الذي قضى على إثر أبي عبيدة، بكى كثيرا (1)، كما تحسر المسلمون على ذلك. ثم قال عمر: رحم الله معاذا فقد كان رجلا عالما وزاهدا، ولقد كانت وفاته أوجدت ثغرة كبيرة في المسلمين، وقد حرم الناس من علمه وفضله فقد كانوا يشاورونه في أمهات المسائل وكان يفيدهم بعلمه وفضله الشيء الكثير. جعل الله جزاءه أفضل ما جازى به العباد الصالحين وجعل مقره في جنات النعيم. ثم رأى أمير المؤمنين أن المصلحة في تفويض الامارة ليزيد بن أبي سفيان على سائر المدن التي فتحها المسلمون وجميع الجيوش الموجودة في الشام وأن يفعل ما يراه صالحا ثم كتب له رسالة بهذا المضمون (2):
بسم الله الرحمن الرحيم... (3) من أمير المؤمنين عمر إلى يزيد بن أبي سفيان:
اعلم أنه بعد أن مات كل من الامراء: أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل وخالد بن الوليد، فإن زمان أمور جيش المسلمين قد سلمت لك. فنفذ ما جاء في هذه الرسالة كما هو معهود بك من شهامة كاملة وحصافة في الرأي حتى يفرغ بالنا عن هذا الثغر، ولقد أرسلت الرسائل إلى بقية وجوه الجيش بأن يتبعوا يزيد بن أبي سفيان (4) وأن لا يخالفوه في قول أو فعل. وحين تصل إليك هذه الرسالة، اجمع الجيش ثم انطلق به وبأصحابك نحو قيسارية واجتهد بألا تغادر تلك المدينة حتى تفتحها، فإنك بذلك تقطع طمع هرقل في ولاته الشام، فأدرك هذا المعنى ثم سر على بركة الله.
ولما وصلت رسالة أمير المؤمنين إلى يزيد بن أبي سفيان والامراء وقادة