تمسحهم، وفي صلاتها يستغفر لهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه، لان العلم حياة القلب من العمى، و [نور] الابصار من الظلمة، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ العبد بالعلم منار الأبرار ومنازل الملوك والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، الفكرة فيه تعدل بالصيام ومدارسته تعدل بالقيام، به يطاع ربنا ويعبد، وبه يعمل له ويحفد، وبه توصل الارحام، ويعرف الحلال من الحرام، يرزقه الله عز وجل السعداء ويحرمه الأشقياء، ألا! وإن المتقين سادة، والفقهاء قادة، والنظر إليهم عبادة، والجلوس إليهم بركة وزيادة.
قال: ثم شهد معاذ بن جبل شهادة الحق وتوفي - رضي الله عنه -. وقد استخلف على المسلمين عمرو بن العاص، وهو الذي صلى عليه وأدخله قبره في رجال. فلما خربوا وحثوا عليه التراب قال عمرو بن العاص: رحمة الله عليك يا معاذ! فلقد (1) كنت ناصحا للمسلمين عظيم الغني عن جماعتهم (1)، كنت مؤدبا للجهال، شديدا على الفاجر [وأيم بالمؤمنين] (2) وأيم الله لم نجد بعدك مثلك أبدا.
قال: ثم كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (3):
بسم الله الرحمن الرحيم (4)، لعبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين من عمرو بن العاص، سلام عليك، أما بعد! فإنه قد حدث من قضاء الله الذي كتبه على عباده أن توفي معاذ بن جبل رحمة الله عليه، فعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين في معاذ وأجرنا معك! وقد استأذني المسلمون في التنحي عن القرى والمدن إلى البراري والفلوات فأذنت لهم في ذلك وعلمت أن إقامة المقيم لا يفوته شئ من أجله، وكذلك الهارب (5) لا يفوت ربه ولا (6) يتعدى ما قدر عليه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.