على النحو الذي صالح به أهل الرقة والرها. وكتب لهم بذلك عهدا ثم فتحت بوابة حران ودخل المسلمون البلد. وقد حصلت هذه الوقعة يوم الاثنين في شهر محرم عند صلاة العصر (1). وبقي عياض بضعة أيام هناك وقبض الأموال المقررة ثم توجه نحو بلدة رأس العين (2). ويقال إن أهل رأس العين كان لديهم رجل حاد النظر يستطيع أن يرى من مسيرة يوم ومن حسن الاتفاق أن جيش المسلمين حين اقترب من تلك المدينة، وأصبح على مسافة يوم منها قد ظهر غبار أسود وغيوم مظلمة فلم ير ذلك الرجل شيئا فسأله أهل البلد، هل ترى أثر جيش غريب فقال الحارس: بسبب الغبار وظلمة الجو لا يبدو لي شيء، فإن أردتم أخرجوا دوابكم إلى الصحراء. فإنني إن كنت بسبب الضباب لا أرى أثر الجيش ولكن يمكنني أن أدركه بسبب الجلبة التي يحدثونها فأخبركم. فأخرج أهل البلد جميع مواشيهم من الخيول والجمال والبقر والغنم إلى الصحراء وحين وصل عياض بن غنم مع جيش المسلمين قرب رأس العين صار الهواء صافيا وظهرت الشمس وإذ وجدوا تلك المواشي استولوا عليها فصاح الحارس وأخبر الناس الخبر فأغلقت أبواب المدينة، وصعدوا إلى الأبراج ووصل جيش المسلمين قرب جدار القلعة وشرع أهل البلد بإلقاء الحجارة والسهام على المسلمين فمات منهم عدة أشخاص. ثم صعد أحد البطارقة على جدار القلعة وأخذ يشتمهم ويقول:
يا من تأكلون خبز الشعير وتلبسون الصوف لا تظنوا أننا مثل أهالي الرقة والرها وحران فأولئك قوم ضعاف ولقد جئتم بأنفسكم لاستقبال الموت هنا، فاقترب منه أحد المسلمين وقال له: لا تهرف بما لا تعرف فلقد استولينا على عدد من القلاع الحصينة قبل الرقة والرها وحران وقاتلنا اليهود وعباد الأصنام والمجوس واستنزلناهم من قلاعهم وأرسلناهم إلى جهنم. وإن مثلك ومثل هذه القلعة بالنسبة إلينا كمثل أعرابي استظل