تخبرني بوجهة نظرك حتى أقف على حقيقة الامر، والسلام. وحين وصل خطاب أمير المؤمنين إلى عياض بن غنم ووقف على مضمونه كتب إليه رسالة بما يلي:
إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من عياض بن غنم:
سلام عليك، أما بعد، فقد وصلني خطابك وفهمت محتواه. فإنه قبل وصول بسر بن أرطأة قد تم فتح المدينة الرقة والرها على يد المسلمين وقد وزعت الغنائم بينهم وتصرف كل بنصيبه منها فطالبني بسر بجزء من تلك الغنائم فأجبته بأن هاتين المدينتين قد فتحتا قبل وصولك فلا حق لك بالغنائم فإذا يسر الله لنا الفتوح في مكان آخر فنحن شركاء فيما نغنمه معا. فلم يرض بسر بهذا وخشيت أن يحصل شيء من التمرد أو تختلف قلوب العساكر ولما كنت غنيا عن مدده، اعتذرت إليه وأمرته بالعودة. هذا هو السبب في إعادته جعل الله تعالى السعادة قرينة لأحوال أمير المؤمنين. وحين عاد جواب عياض بن غنم إلى أمير المؤمنين عمر. أثنى على حصافة رأيه وكتب إليه.
لقد وصلت رسالتك وفهم مضمونها وعلمنا السبب في إعادة بسر بن أرطأة وجيشه إلى الشام وكان ذلك صوابا، جزاك الله خيرا عن الاسلام والمسلمين. وأرجو الله تعالى أن لا تعزل عن عملك ما دمت حيا. وإنني أوصي الخليفة من بعدي بأن لا يغيرك عن موضعك ولا يعزلك عن عملك. أقر الله عينك. واستمر على ما أنت فيه من الجهاد والسلام.
ولما وصل خطاب أمير المؤمنين إلى عياض وقرأه، حمد الله وقال: يا رب لا أطلب مزيدا من الحياة بعد عمر فإن هو مات وبقي في أجلي شيء فلا تمهلني أكثر من يوم واحد بعد. إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
ذهاب عياض بن غنم نحو حران (1) في هذه الأثناء سمع عياض بن غنم أن الروم قد جمعوا جيشا في (حران) يقدر بعشرين ألف رجل فأمر مناديا ينادي في الجيش بالاستعداد ثم سار به إلى أطراف حران فوقع الرعب في قلوب الأهالي فأرسلوا إليه شخصا يطلب الصلح فأجابهم إليه