مرتهن بدينه، ومن أصبح منكم مهاجرا (1) لأخيه المسلم فليلقه وليصافحه فإنه لا ينبغي للمؤمن أن يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام (2)، أيها الناس! إنكم قد فجعتم برجل، والله ما أعلم أني رأيت عبدا من عبيد الله أعلن (3) أمرا ولا أبر صدرا ولا أبعد من الغائلة ولا أشد حبا للعافية ولا أنصح لعامة المسلمين (4) منه، فرحمة الله على أبي عبيدة! فوالله (5) لاثنين عليه ما حييت ثناء صادقا، ولا أقول فيه باطلا، ولا أخاف أن يلحقني في ذلك من الله تبارك وتعالى مقت ولا غضب، كان والله - ما علمت - من المخبتين المتواضعين الذين يرحمون اليتيم والمسكين ويبغضون الجبارين والمتكبرين.
قال: فقال عمرو بن العاص لرجل كان إلى جنبه: لعمري لقد استعمله أبو عبيدة فرضي عنه وأحسن الثناء عليه، قال: فجاء ذلك الرجل إلى معاذ فخبره بمقالة عمرو، فأرسل إليه معاذ فدعاه ثم قال: يا عمرو! أتزعم أن ثنائي على أبي عبيدة بن الجراح لأنه ولاني هذا الامر من بعده؟ إن كنت صادقا فأماتك الله بمثل هذه الموتة التي [توفي] فيها أبو عبيدة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله قد خبرنا أنها ميتة الصالحين (6)، وإن كنت كاذبا فأماتني الله بها وأبقاك إلى الفتنة فإنك تحب الإمارة جدا ولعلك أن تعطي فيها سؤلك يا عمرو! قال: فقال عمرو بن العاص:
أقسمت عليك أبا عبد الرحمن أن لا تغضب ولا تقل إلا خيرا! فوالله ما أردت بك مساءة قط! قال: فسكت معاذ فلم يرد عليه.
ثم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتابا فيه (7): بسم الله الرحمن