ولا تتبعوا أمر الوشاة وتقطعوا * أواصرنا بعد المودة والقرب وتستجلبوا حربا عوانا، وربما * أمر على من ذاقه جلب الحرب فلسنا ورب البيت نسلم أحمدا * لعزاء من عض الزمان ولا كرب ولما تبن منا ومنكم سوالف * وأيد أثرت بالقساسية الشهب بمعترك ضيق ترى كسر القنا * به والنسور الطخم يعكفن كالشرب كأن مجال الخيل في حجراته * ومعمعة الابطال معركة الحرب أليس أبونا هاشم شد أزره * وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب؟
ولسنا نمل الحرب حتى تملنا * ولا نشتكي ما قد ينوب من النكب ولكننا أهل الحفائظ والنهى * إذا طار أرواح الكماة من الرعب فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا، حتى جهدوا، لا يصل إليهم شئ إلا سرا مستخفيا [به] من أراد صلتهم من قريش.
وقد كان أبو جهل بن هشام - فيما يذكرون - لقى حكيم بن حزام بن خويلد ابن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه في الشعب، فتعلق به وقال: أتذهب بالطعام إلى بنى هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة. فجاءه أبو البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بنى هاشم، فقال [له] أبو البختري: طعام كان لعمته عنده بعثت إليه [فيه] أفتمنعه أن يأتيها بطعامها! خل سبيل الرجل، فأبى أبو جهل حتى نا أحدهما من صاحبه، فأخذ [له] أبو البختري لحى بعير فضربه به فشجه، ووطئه وطأ شديدا، وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك، وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فيشمتوا بهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك يدعو قومه ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، مباديا بأمر الله لا يتقى فيه أحدا من الناس.