فلما قال ذلك طمعت في إسلامه، فقالت له: يا أخي، إنك نجس على شركك، وإنه لا يمسها إلا الطاهر، فقام عمر فاغتسل، فأعطته الصحيفة، وفيها: " طه "، فقرأها، فلما قرأ منها صدرا قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه! فلما سمع ذلك خباب خرج إليه فقال له: يا عمر، والله إني لأرجو أن [يكون] الله قد خصك بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس وهو يقول: اللهم أيد الاسلام بأبي الحكم بن هشام، أو بعمر بن الخطاب، فالله الله يا عمر. فقال له عند ذلك عمر: فدلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم، فقال له خباب: هو في بيت عند الصفا، معه فيه نفر من أصحابه. فأخذ عمر سيفه فتوشحه، ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فضرب عليهم الباب، فلما سمعوا صوته قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر من خلل الباب، فرآه متوحشا السيف، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع، فقال: يا رسول الله، هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف، فقال حمزة بن عبد المطلب: فأذن له، فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له، وإن كان [جاء] يريد شرا قتلناه بسيفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائذن له، فأذن له الرجل، ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة، فأخذ حجزته، أو بمجمع ردائه، ثم جبذه [به] جبذة شديدة، وقال: ما جاء بك يا بن الخطاب؟ فوالله ما أرى أن تنتهى حتى ينزل الله بك قارعة، فقال عمر: يا رسول الله، جئتك لأؤمن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله، قال: فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر قد أسلم.
فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة، وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينتصفون بهما من عدوهم.
فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر بن الخطاب حين أسلم.