زوج هشام بن عروة - فنال ذلك من نفس هشام وغاظه، فأخذ يطعن على ابن إسحاق ويكذبه في رواياته، يريد أن ينفي أنه رأى امرأته وروى عنها، ولم يكن لهشام أن يغضب أو يثور لرواية ابن إسحاق عن امرأته، فما في رواية رجل عن امرأة شئ مما يبعث الغيرة، ومثل هذا يقع كثيرا في عصرهما، ولا بد أنه سمع رواية المسلمين عن أمهات المؤمنين، ولو أنه تبصر قليلا لعلم أن رواية ابن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر التي تكبره بسبع وثلاثين سنة لا تثير ريبا ولا تبعث غيرة، وفي هذه الحادثة يقول إمام أهل السنة أحمد بن حنبل " وما ينكر هشام؟ لعله جاء فاستأذن عليها، فأذنت له " (6) وأما حنق مالك بن أنس رضي الله عنه على ابن إسحاق فقد كان له سببان: أحدهما أن ابن إسحاق كان يجرح مالكا في نسبه، ويزعم أنه مولى من موالي بني تيم بن مرة، والثاني أنه كان - بعد ذلك - يطعن في علم مالك، روى الخطيب البغدادي (1 / 223) قال " قال ابن إدريس: قلت لمالك بن أنس، وذكر المغازي: قال ابن إسحاق: أنا بيطارها، قال: قال لك أنا بيطارها؟
نحن نفيناه من المدينة " وروى الخطيب مرة أخرى عن عبد الله بن نافع (1 / 224) ان ابن إسحاق كان يقول: " ائتوني ببعض كتب مالك حتى أبين عيوبه، أنا بيطار كتبه " فكان هذان الأمران سببا في انحراف مالك عن ابن إسحاق واطلاقه لسانه فيه، فكان ينال من عرضه ويجرحه.
(7) وقد اختلف الرواة في تحديد الزمن الذي توفي فيه ابن إسحاق، وقد ساق الخطيب البغدادي روايات عديدة على أن وفاته كانت في سنة خمسين ومائة، وساق روايات أخرى على أن وفاته في سنة إحدى وخمسين ومائة، ورجح هذه من المتأخرين ابن تغرى بردى، فقال " وفيها توفي محمد ابن إسحاق بن يسار،