وتعالى عنه - وهو يصلي بالناس فجلس إلى جنب أبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فذهب أبو بكر يتأخر، فجلس حتى فرغ من الصلاة، فلما توفي صلى الله عليه وسلم وقوم آمنون لم يكن فيهم نبي قبله.
قال عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: لئن تكلم أحد بموته إلا ضربته بسيفي، قال: فأخذ بيدي حتى أتينا البيت، فدخل، فقال: وسعوا كذا، فوسعوا حتى أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فأكب عليه ثم مشى رويده، ثم نظر حتى تبين له، قال: (إنك ميت وإنهم ميتون) قالوا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، فعلموا كلهم أن قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، هل نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قالوا: كيف نصلي عليه؟ فما أدري قال: عشاء أو قال: يجيئ نفر فيكبرون، ويصلون ويدعون، ثم ينصرفون، ويجيئ آخرون حتى يفرغوا من آخرهم، فعلموا أنه كما قال: عندكم نبي الله يعني عمته وابن عمه فجلس في المسجد وجلس الناس حوله.
وقال سيف: عن عمر بن محمد عن تمام، عن العاصي عن القعقاع بن عمرو، قال: جاء أبا بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - بنقل النبي صلى الله عليه وسلم وتواتر أهل البيت عليه أرسلا، فجاء فلقيه آخرهم بعد ما مات النبي صلى الله عليه وسلم، وعيناه تهملان، فأكب عليه، وكشف عن وجهه، وقيل جبينه وخديه، ومسح وجهه، وجعل يبكي ويقول: بأبي وأمي ونفسي وأهلي طبت حيا وميتا، وانقطع بموته ما لم ينقطع بموته أحد من الأنبياء، فعظمت عن الصفة، وحللت عن البكاء، وخصصت حتى ضرب مسيلمة، وعميت، ولولا أن موتك كان إخبارا لحربك بالنفوس، وإنك نهيت عن البكاء، لأنفدنا عليك ما التشوف، فأما ما لا نستطيع حقه عنا فكمدوا، وإن كان مخالفا له.
قال سيف: عن سعيد بن عبد الله، عن أبي عمر قال: جاء أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - حتى صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فاسترجع وصلى وأثنى، فعج أهل البيت عجيجا سمعه أهل المصلى، كلما ذكرت شيئا أرادوا فما، سكن عجيجهم إلا (صوت) يقول: السلام عليكم يا أهل البيت (كل نفس ذائقة الموت) الآية. إن في الله خلفا من كل هالك ودركا لكل رغبة، ونجاة من كل مخافة، فالله فارجوا وبه فثقوا، فاستمعوا له وأنكروه، وقطعوا البكاء، فلما انقطع البكاء فقد صوته، واطلع أحدهم فلم ير أحدا، ثم ناداهم مناد آخر لا يعرفون صوته: يأهل البيت، أذكروا الله وأحمدوه على كل حال