لقول أبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - وجاء العباس - رضي الله تبارك وتعالى عنه - من قبله فتكلم بنحو من كلامه فما انتهي له أحد ممن ابتلي، حتى أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فانتهى الناس كلهم إلى قوله، وتفرقوا عن كلامه.
وقال سيف: عن محمد بن عبيد الله عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - قال: لما قبض الله عز وجل نبيه، وأعلن أهل البيت وفاته بالصيحة، وسمعها الناس جزعا من ذلك جزعا شديدا، فقام عمر ابن الخطاب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فقال: كيف نكون شهداء على الناس ويكون الرسول علينا شهيدا؟ وبموت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يظهر على الناس فإياكم أيها الناس أن تفتتنوا كما افتتن قوم موسى إذ غاب عنهم إلى الطور، فرجع إليهم فعاقبهم، وظن كثير من الناس أنه كما قال عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنهم - فأقبل الناس حتى نادوا على الناس، وقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حي، فلا تحركوه ولا تدفنوه، وأوعد عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنهم - الناس حين سمعهم يقولون: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهم - على الناس فقال: أيها الناس هل عندكم أو عند أحد منكم عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر وفاته؟ قالوا: لا، قال: هل عندكم يا عمر من ذلك علم؟
قال: لا والله، قال: أشهدوا أيها الناس أن أحدا لا يأخذ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عهد الله تعالى في شأن وفاته، والله الذي لا إله إلا هو لقد ذاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين ظهرانيكم (إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) فلما عرفوا، قال بعضهم: خلوا بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكف بعضهم لبعض.
وقال سيف: عن سلمة بن نبيط عن نعيم بن أبي هند، عن سالم بن عبيد الله وكان من أهل الصفة - قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه، قال حين ثقل أو أغمي عليه فأفاق: حضرت الصلاة؟ قالوا: نعم. قال صلى الله عليه وسلم: مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت: فأمرت بلالا أن يؤذن، وأمرت أبا بكر أن يصلي بالناس، ثم قال، أقيمت الصلاة؟
قيل: نعم، فدعا بربزة خادما كانت له وإنسانا آخر معها فاعتمد عليهما، ثم قال: انطلقا، فذهبا به إلى المسجد حتى أتيا أبا بكر - رضي الله تبارك