أضغنوه عليه، وكتبوا كتابا على لسان عدي إلى قهرمان (1) لعدي، ثم دسوا له، حتى أخذوا الكتاب، ثم أتى به النعمان فقرأه، فأغضبه، فأرسل إلى عدي بن زيد: عزمت عليك إلا زرتني، فإني قد اشتقت إلى رؤيتك! وهو عند كسرى فاستأذن كسرى، فأذن له، فلما أتاه لم ينظر إليه حتى حبس في محبس لا يدخل عليه فيه أحد، فجعل عدي بن زيد يقول الشعر وهو في السجن، فكان أول ما قال في السجن من الشعر:
ليت شعري عن الهمام ويأتيك بخبر الأنباء عطف السؤال فقال أشعارا، وكان كلما قال عدي من المشعر، بلغ النعمان وسمعه ندم على حبسه إياه، فجعل يرسل إليه ويعده ويمنيه ويفرق أن يرسله فيبغيه الغوائل، فقال عدي:
أرقت لمكفهر بات فيه بوارق يرتقين رؤس شيب وقال أيضا:
" طال ذا الليل علينا واعتكر (2) " وقال أيضا:
" ألا طال الليالي والنهار " وقال حين أعياه ما يتضرع إلى النعمان أشعارا، يذكره فيها الموت، ويخبره من هلك من الملوك قبله، فقال:
" أرواح مودع أم بكر " (3) " وأشعارا كثيرة.
قال: وخرج النعمان يريد البحرين، فأقبل رجل من غسان، فأصاب في الحيرة ما أحب. ويقال: الذي أغار على الحيرة فحرق فيها، جفنة بن النعمان الجفني، فقال عدي:
سما صقر فأشعل جانبيها وألهاك المروح والعزيب (1)