ظفر به الآن قتله.
وكانت عدة القتلى سوى من كان إلى جانب البحر نحو عشرة آلاف قتيل فأمر بهم فألقوا في النهر الذي يشرب الفرنج منه وكان عامة القتلى من فرسان الفرنج فإن الرجالة لم يلحقوهم وكان في جملة الأسرى ثلاث نسوة فرنجيات كن يقاتلن على الخيل فلما أسرن والقي عنهن السلاح عرفن أنهن نساء.
وأما المنهزمون من المسلمين فمنهم من رجع من طبرية ومنهم من جاوز الأردن وعاد ومنهم من بلغ دمشق ولولا أن العساكر تفرقت في الهزيمة لكانوا بلغوا من الفرنج [من] الاستئصال، والإهلاك مرادهم على أن الباقين بذلوا جهدهم وجدوا في القتال وصمموا على الدخول مع الفرنج في معسكرهم لعلهم يفزعون منهم فجاءهم الصريخ بأن رحالهم وأموالهم قد نهبت وكان سبب هذا النهب أن الناس لما رأوا الهزيمة حملوا أثقالهم على الدواب فثار بهم أوباش العسكر وغلمانه فنهبوه وأتوا عليه وكان في عزم صلاح الدين أن يباكرهم القتال والزحف فرأى اشتغال الناس بما ذهب من أموالهم وهم يسعون في جمعها وتحصيلها فأمر بالنداء بإحضار ما أخذ فأحضر منه ما ملأ الأرض من المفارش والعيب المملوءة والثياب والسلاح وغير ذلك فرد الجميع على أصحابه ففاته ذلك اليوم ما أراد فسكن روع الفرنج وأصلحوا شأن الباقين منهم.
ذكر رحيل صلاح الدين عن الفرنج وتمكنهم من حصر عكا لما قتل من الفرنج ذلك العدد الكثير جافت الأرض من نتن ريحهم وفسد الهواء والجو ووجدت الأمزجة فسادا وانحرف مزاج صلاح الدين،