وأما صلاح الدين فإنه عاد إلى حلب ثالث شعبان فدخلها وسار منها إلى دمشق وفرق العساكر الشرقية كعماد الدين زنكي بن مودود صاحب سنجار والخابور وعسكر الموصل وغيرها ثم رحل من حلب إلى دمشق وجعل طريقه على قبر عمر بن عبد العزيز فزاره وزار الشيخ الصالح أبا زكريا المغربي وكان مقيما هناك وكان من عباد الله الصالحين وله كرامات ظاهرة.
وكان مع صلاح الدين الأمير عز الدين أبو الفليتة قاسم بن المهنا العلوي الحسيني وهو أمير مدينة النبي، صلى الله عليه وسلم، كان قد حضر عنده وشهد معه مشاهده وفتوحه وكان صلاح الدين قد تبرك برؤيته وتيمن بصحبته وكان يكرمه كثيرا وينبسط معه ويرجع إلى قوله في أعماله كلها ودخل دمشق أول شهر رمضان فأشير عليه بتفريق العساكر فقال ان العمر قصير والأجل غير مأمون وقد بقي بيد الفرنج هذه الحصون كوكب وصفد والكرك وغيرها ولا بد من الفراغ منها فإنها في وسط بلاد الإسلام ولا يؤمن شر أهلها وإن أغفلناهم ندمنا فيما بعد والله أعلم.
ذكر فتح الكرك وما يجاوره كان صلاح الدين قد جعل على الكرك عسكرا يحصره فلازموا الحصار هذه المدة الطويلة حتى فنيت أزواد الفرنج وذخائرهم وأكلوا دوابهم وصبروا حتى لم يبق للصبر مجال فراسلوا الملك العادل أخا صلاح الدين،