ففعلوا بها كذلك ولم يسلم من شرهم وفسادهم شيء من البلاد وكان جميع ما فعلوه بخراسان سنة سبع عشرة [وستمائة].
ذكر ملكهم خوارزم وتخريبها واما الطائفة من الجيش التي سيرها جنكزخان إلى خوارزم فإنها كانت أكثر السرايا جميعها لعظم البلد فساروا حتى وصلوا إلى خوارزم وفيها عسكر كبير وأهل البلد معروفون بالشجاعة والكثرة فقاتلوهم أشد قتال سمع به الناس ودام الحصر لهم خمسة اشهر فقتل من الفريقين خلق كثير إلا أن القتلى من التتر كانوا أكثر لأن المسلمين كان يحميهم السور.
فأرسل التتر إلى ملكهم جنكزخان يطلبون المدد فأمدهم بخلق كثير فلما وصلوا إلى البلد زحفوا زحفا متتابعا فملكوا طرفا منه فاجتمع أهل البلد وقاتلوهم في طرف الموضع الذي ملكوا فلم يقدروا على إخراجهم ولم يزالوا يقاتلونهم والتتر يملكون منهم محلة بعد محلة وكلما ملكوا محلة قاتلهم المسلمون في المحلة التي تليهم فكان الرجال والنساء والصبيان يقاتلون فلم يزالوا كذلك حتى ملكوا البلد جميعه وقتلوا كل من فيه ونهبوا كل ما فيه ثم إنهم فتحوا السكر الذي يمنع ماء جيحون عن البلد فدخله الماء فغرق البلد جميعه وتهدمت الابنية وبقي موضعه ماء ولم يسلم من أهله أحد البتة فإن غيره من البلاد قد كان يسلم بعض أهله منهم من يختفي ومنهم من يهرب ومنهم من يخرج ثم يسلم ومنهم من يلقي نفسه بين القتلى