إن ملك إنكلتار قال لمن معه من الفرنج الشاميين صوروا لي مدينة القدس فإني ما رأيتها فصوروها له فرأى الوادي يحيط بها ما عدا موضعا يسيرا من جهة الشمال فسأل عن الوادي وعن عمقه فأخبر أنه عميق وعر المسالك.
فقال: هذه مدينة لا يمكن حصرها مهما كان صلاح الدين حيا وكلمة المسلمين مجتمعة لأننا إن نزلنا في الجانب الذي يلي المدينة بقيت سائر الجوانب غير محصورة فيدخل إليهم منها الرجال الذخائر وما يحتاجون إليه وإن نحن افترقنا فنزل بعضنا من جانب الوادي وبعضنا من الجانب الآخر جمع صلاح الدين أصحابه وواقع إحدى الطائفتين ولم يكن للطائفة الأخرى إنجاد أصحابهم لأنهم إن فارقوا مكانهم خرج من بالبلد من المسلمين فغنموا ما فيه وإن تركوا فيه من يحفظه وساروا نحو أصحابهم فإلى أن يتخلصوا من الوادي ويلحقوا بهم قد فرغ صلاح الدين منهم هذا سوى ما يتعذر علينا من إيصال ما يحتاج إليه من العلوفات والأقوات.
فلما قال لهم ذلك علموا صدقه ورأوا قلة الميرة عندهم وما يجري للجالبين لهما من المسلمين فأشاروا عليه بالعود إلى الرملة فعادوا خائبين خاسرين.
ذكر قتل قزل أرسلان في شعبان من هذه السنة قتل قزل أرسلان واسمه عثمان بن إيلدكز وقد ذكرنا أنه ملك البلد بعد وفاة أخيه البهلوان ملك أران، وأذربيجان،