دوين سار منهم جماعة يستغيثون فلم يغثهم وخوفه جماعة من أمراءه عاقبة إهماله وتوانيه وإصراره ما هو فيه فلم يصغ إليهم فلما طال الأمر على أهلها ضعفوا وعجزوا وأخذهم الكرج عنوة بالسيف وفعلوا ما ذكرنا.
ثم إن الكرج بعد أن استقر أمرهم بها أحسنوا إلى من بقي من أهلها فالله تعالى ينظر إلى المسلمين ويسهل لثغورهم من يحفظها ويحميها فإنها مستباحة لا سيما هذه الناحية فإنا لله وإنا إليه راجعون فقد بلغنا من فعل الكرج بأهل دوين من القتل والسبي والأمر ما تقشعر منه الجلود.
ذكر عدة حوادث في هذه السنة أحضر الملك العادل محمدا ولد العزيز صاحب مصر إلى الرها وذلك انه لما قطع خطبته من مصر سنة ست وتسعين كما ذكرناه خاف شيعة أبيه أن يجتمعوا عليه ويصير له معهم فتنة فأخرجه سنة ثمان وتسعين إلى دمشق ثم نقله هذه السنة إلى الرها فأقام بها ومعه جميع إخوته وأخواته ووالدته ومن يخصه.
وفيها في رجب توفي الشيخ وجيه الدين محمد بن محمود المروروذي الفقيه الشافعي وهذا الذي كان السبب في أن صار غياث الدين شافعيا.
وفي ربيع الأول منها توفي أبو الفتح عبيد الله بن أبي المعمر الفقيه الشافعي المعروف بالمستملي ببغداد وله حظ حسن.
وفي ربيع الآخر توفيت زمرد خاتون أم الخليفة الناصر لدين الله وأخرجت جنازتها ظاهرة وصلى الخلق الكثير عليها ودفنت في التربة التي بنتها لنفسها وكانت كثيرة المعروف.