ذكر فتح لاذقية لما فرغ السلطان من أمر جبلة سار عنها إلى لاذقية فوصل إليها في الرابع والعشرين من جمادى الأولى فترك الفرنج المدينة لعجزهم عن حفظها وصعدوا إلى حصنين لها على الجبل فامتنعوا بهما فدخل المسلمون المدينة وحصروا القلعتين اللتين فيهما الفرنج وزحفوا إليهما ونقبوا الأسوار ستين ذراعا وعلقوه وعظم القتال واشتد الأمر عند الوصول إلى السور فلما أيقن الفرنج بالعطب ودخل إليهم قاضي جبلة فخوفهم من المسلمين فطلبوا الأمان فأمنهم صلاح الدين ورفعوا الاعلام الإسلامية إلى الحصنين وكان ذلك في اليوم الثالث من النزول عليها.
وكانت عمارة اللاذقية من أحسن الأبنية وأكثرهم زخرفة مملوءة بالرخام على اختلاف أنواعه فخرب المسلمون كثيرا منها ونقلوا رخامها وشعثوا كثيرا من بيعها التي قد غرم على كل واحدة منها الأموال الجليلة المقدار وسلمها إلى ابن أخيه تقي الدين عمر فعمرها وحصن قلعتها حتى إذا رآها اليوم من رآها ينكرها فلا يظن أن هذه تلك وكان عظيم الهمة في تحصين القلاع والغرامة الوافرة عليها كما فعل بقلعة حماه.
ذكر حال أسطول صقلية لما نازل صلاح الدين لاذقية [جاء أسطول صقلية] الذي تقدم ذكره، فوقف بإزاء مينا لاذقية، فلما سلمها الفرنج الذين بها إلى صلاح الدين،