586 ثم دخلت سنة ست وثمانين وخمسمائة ذكر وقعة الفرنج واليزك وعود صلاح الدين إلى منازلة الفرنج قد ذكرنا رحيل صلاح الدين عن عكا إلى الخروبة لمرضه فلما برأ أقام بمكانه إلى أن ذهب الشتاء وفي مدة مقامه بالخروبة كان يزكه وطلائعه لا تنقطع عن الفرنج.
فلما دخل صفر من سنة ست وثمانين وخمسمائة سمع الفرنج أن صلاح الدين قد سار للصيد ورأى العسكر الذي في اليزك عندهم قليلا وأن الوحل الذي في مرج عكا كثير يمنع من سلوكه من أراد أن ينجد اليزك فاغتنموا ذلك وخرجوا من خندقهم على اليزك وقت العصر فقاتلهم المسلمون وحموا أنفسهم بالنشاب وأحجم الفرنج عنهم حتى فني نشابهم فحملوا عليهم حينئذ حملة رجل واحد فاشتد القتال وعظم الأمر وعلم المسلمون أنه لا ينجيهم إلا الصبر وصدق القتال فقاتلوا قتال مستقل إلى أن جاء الليل وقتل من الفريقين جماعة كثيرة وعاد الفرنج إلى خندقهم.
ولما عاد صلاح الدين إلى المعسكر سمع خبر الوقعة فندب الناس إلى نصر إخوانهم فأتاه الخبر أن الفرنج عادوا إلى خندقهم فأقام ثم إنه رأى الشتاء قد ذهب وجاءته العساكر من البلاد القريبة منه دمشق وحمص وحماه وغيرها فتقدم من الخروبة نحو عكا فنزل بتل كيسان وقاتل الفرنج