مقدار فرسخين، فنهبوا البلاد: صيدا والشقيف وعادوا إلى عكا وكان هذا من نصف رمضان إلى العيد والذي سلم من تلك البلاد كان مخفا حتى قدر على النجاة.
ولقد بلغني أن العادل لما سار إلى مرج الصفر رأى في طريقه رجلا يحمل شيئا وهو يمشي تارة وتارة يقعد ليستريح فعدل العادل إليه وحده فقال له يا شيخ لا تعجل وارفق بنفسك فعرفه الرجل فقال يا سلطان المسلمين أنت لا تعجل فإنا إذا رأيناك قد سرت إلى بلادك وتركتنا مع الأعداء كيف لا نعجل!
وبالجملة الذي فعله العادل هو الحزم والمصلحة لئلا يخاطر باللقاء على حال تفرق من العساكر ولما نزل العادل على مرج الصفر سير ولده الملك المعظم عيسى وهو صاحب دمشق في قطعة صالحة من الجيش إلى نابلس ليمنع الفرنج عن البيت المقدس.
ذكر حصر الفرنج قلعة الطور وتخريبها لما نزل الفرنج بمرج عكا تجهزوا وأخذوا معهم آلة الحصار من مجانيق وغيرها وقصدوا قلعة الطور وهي قلعة منيعة على رأس جبل بالقرب من عكا كان العادل قد بناها عن قريب فتقدموا إليها وحصروها وزحفوا إليها وصعدوا في جبلها حتى وصلوا إلى سورها وكادوا يملكونه.
فاتفق ان بعض المسلمين ممن فيها قتل بعض ملوكهم فعادوا عن القلعة فتركوها وقصدوا عكا وكان مدة مقامهم على الطور سبعة عشر يوما.