صور، وما يتصل بهم من الأمداد في البحر وأن ملك الفرنج الذي كان قد أسره صلاح الدين وأطلقه بعد فتح القدس قد اصطلح هو والمركيس بعد اختلاف كان بينهما وأنهم قد اجتمعوا في خلق لا تحصى فإنهم قد خرجوا من مدينة صور إلى ظاهرها فكان هذا وأشباهه مما يزعجه ويخاف من ترك الشقيف وراء ظهره والتقدم إلى صور وفيها الجموع المتوافرة فتنقطع الميرة عنه إلا أنه مع هذه الأشياء مقيم على العهد مع أرناط صاحب الشقيف.
وكان أرناط في مدة الهدنة يشتري الأقوات من سوق العسكر والسلاح وغير ذلك مما يحصن به شقيفه وكان صلاح الدين يحسن الظن وإذا قيل له عنه مما هو فيه من المكر وأن قصده المطاولة إلى أن يظهر الفرنج من صور وحينئذ يبدي فضيحته ويظهر مخالفته لا يقبل فيه فلما قارب انقضاء الهدنة تقدم صلاح الدين من معسكره إلى القرب من شقيف أرنون وأحضر عنده أرناط وقد بقي من الأجل ثلاثة أيام فقال له في معنى تسليم الشقيف فاعتذر بأولاده وأهله وأن المركيس لم يمكنهم من المجيء إليه وطلب التأخير مدة أخرى فحينئذ علم السلطان مكره وخداعه فأخذه وحبسه وأمره بتسليم الشقيف فطلب قسيسا ذكره ليحمل رسالة إلى من بالشقيف ليسلموه فأحضروه عنده فساره بما لم يعلموا فمضى ذلك القسيس إلى الشقيف فأظهر أهله العصيان فسير صلاح الدين أرناط إلى دمشق وسجنه وتقدم إلى الشقيف فحصره وضيق عليه وجعل عليه من يحفظه ويمنعه عن الذخيرة والرجال.