وأراد الأفضل مناجزتهم أو تركهم بها والرحيل إلى مصر فمنعه العادل من الأمرين وقال هذه عساكر الإسلام فإذا اقتتلوا في الحرب فمن يرد العدو الكافر وما بها حاجة إلى هذا فإن البلاد لك وبحكمك ومتى قصدت مصر والقاهرة وأخذتهما قهرا زالت هيبة البلاد وطمع فيها الأعداء وليس فيها من يمنعك عنها.
وسلك معه مثال هذا فطالت الأيام وأرسل إلى العزيز سرا يأمره بإرسال القاضي الفاضل وكان مطاعا عند البيت الصلاحي لعلو منزلته كانت عند صلاح الدين فحضر عندهما وأجرى ذكر الصلح وزاد القول ونقص وانفسخت العزائم واستقر الأمر على أن يكون للأفضل القدس وجميع البلاد بفلسطين وطبرية والأردن وجميع ما بيده ويكون للعادل أقطاعه الذي كان قديما ويكون مقيما بمصر عند العزيز وإنما اختار ذلك لأن الأسدية والأكراد لا يريدون العزيز فهم يجتمعون معه فلا يقدر العزيز على منعه عما يريد فلما استقر الأمر على ذلك وتعاهدوا عاد الأفضل إلى دمشق وبقي العادل بمصر عند العزيز.
ذكر عدة حوادث في ذي القعدة تاسع عشر وقع حريق عظيم ببغداد بعقد المصطنع فاحترقت المربعة التي بين يديه ودكان ابن البخيل الهراس وقيل كان ابتداؤها من دار ابن البخيل.