عليها عدة منجنيقات ولم يزل يرميها بالحجارة حتى خرب بعض سورها فأعاد أهل البلد عمارته ولم يزل مصابرهم وملازمهم إلى أواخر جمادى الأولى من سنة سبع وعشرين [وستمائة]، فزحف إليها زحفا متتابعا وملكها عنوة وقهرا يوم الأحد الثامن والعشرين من جمادى الأولى سلمها اليه بعض الأمراء غدرا.
فلما ملك البلد صعد من فيه من الأمراء إلى القلعة التي لها وامتنعوا بها وهو منزلهم ووضع السيف في أهل [البلد]، وقتل من وجد به منهم وكانوا قد قلوا فإن بعضهم فارقوه خوفا وبعضهم خرج منه من شدة الجوع وبعضهم مات من القبلة وعدم القوت فإن الناس في خلاط اكلوا الغنم ثم البقر ثم الجواميس ثم الخيل ثم الحمير ثم البغال والكلاب والسنانير وسمعنا أنهم كانوا يصطادون الفار ويأكلونه وصبروا صبرا لم يلحقهم فيه أحد.
ولم يملك من بلاد خلاط وغيرها وما سواها من البلاد لم يكونوا ملكوه وخربوا خلاط وأكثروا القتل فيها ومن سلم هرب في البلاد وسبوا الحريم واسترقوا الأولاد وباعوا الجميع فتمزقوا كل ممزق وتفرقوا في البلاد ونهبوا الأموال وجرى على أهلها ما لم يسمع بمثله لا جرم لم يمهله الله تعالى وجرى عليه من الهزيمة بين المسلمين والتتر ما نذكره ان شاء الله تعالى.
ذكر عدة حوادث في أواخر هذه السنة قصد الفرنج حصن بارين بالشام ونهبوا بلاده واعماله وأسروا وسبوا ومن جملة من ظفروا به طائفة من التركمان كانوا نازلين في ولاية بارين فأخذوا الجميع ولم يسلم منهم إلا النادر الشاذ والله أعلم.