ذكر وقعة اليزك مع الفرنج لما كان صلاح الدين بمرج عيون وعلى الشقيف جاءته كتب من أصحابه الذين جعلهم يزكا في مقابل الفرنج على صور يخبرونه فيها أن الفرنج قد أجمعوا على عبور الجسر الذي لصور وعزموا على حصار صيدا فسار صلاح الدين جريدة في شجعان أصحابه سوى من جعله على الشقيف فوصل إليهم وقد فات الأمر.
وذلك أن الفرنج قد فارقوا صور وساروا عنها لمقصدهم فلقيهم اليزك على مضيق هناك وقاتلوهم ومنعوهم وجرى لهم معهم حرب شديدة يشيب لها الوليد وأسروا من الفرنج جماعة وقتلوا جماعة وقتل من المسلمين أيضا جماعة منهم مملوك لصلاح الدين كان من أشجع الناس فحمل وحده على صف الفرنج فاختلط بهم وضربهم بسيفه يمينا وشمالا فتكاثروا عليه فقتلوه رحمه الله؛ ثم إن الفرنج عجزوا عن الوصول إلى صيدا فعادوا إلى مكانهم.
ذكر وقعة ثانية للغزاة المتطوعة لما وصل صلاح الدين إلى اليزك وقد فاتته تلك الوقعة أقام عندهم في خيمة صغيره ينتظر عودة الفرنج لينتقم منهم ويأخذ بثأر من قتلوه من المسلمين فركب في بعض الأيام في عدة يسيرة على أن ينظر إلى مخيم الفرنج من الجبل ليعمل بمقتضى ما يشاهده وظن من هناك من غزاة العجم والعرب المتطوعة أنه على قصد المصاف والحرب فساروا مجدين وأوغلوا في أرض العدو مبعدين،