فصبروا تلك الليلة فأنتنت تلك الجيف وانهضمت فلم يبق للتتر على السور استعلاء ولا تسلط على الحرب فعاودوا الزحف وملازمة القتال فضجر أهلها ومسهم التعب والكلال والاعياء فضعفوا فملك التتر البلد وقتلوا فيه فأكثروا، ونهبوا الأموال فاحتازوها.
فلما فرغوا منه أرادوا عبور الدربند فلم يقدروا على ذلك فأرسلوا رسولا إلى شروان [شاه] ملك دربند شروان يقولون له ليرسل إليهم رسولا يسعى بينهم في الصلح فأرسل عشرة رجال من أعيان أصحابه فأخذوا أحدهم فقتلوه ثم قالوا للباقين إن أنتم عرفتمونا طريقا نعبر فيه فلكم الأمان وإن لم تفعلوا قتلناكم كما قتلنا هذا فقالوا لهم ان هذا الدربند ليس فيه طريق البتة ولكن فيه موضع هو أسهل ما فيه من الطرق فساروا معهم إلى ذلك الطريق فعبروا فيه وخلفوه وراء ظهورهم.
ذكر ما فعلوه باللان وقفجاق لما عبر التتر دربند شروان ساروا في تلك الأعمال وفيها أمم كثيرة منهم اللان واللكز وطوائف من الترك فنهبوه وقتلوا من اللكز كثيرا وهم مسلمون وكفار وأوقعوا بمن عداهم من أهل تلك البلاد ووصلوا إلى اللان وهم أمم كثيرة وقد بلغهم خبرهم فجدوا وجمعوا عندهم جمعا من قفجاق فقاتلوهم فلم تظفر احدى الطائفتين بالأخرى فأرسل التتر إلى قفجاق يقولون نحن وأنتم جنس واحد وهؤلاء اللان ليسوا منكم حتى تنصروهم ولا دينكم مثل دينهم ونحن نعاهدكم