ذلك فلما تفرقوا حضر أهلها وسألوا ان تؤخذ منهم فعادت صفوا عفوا بغير منة ولقد أحسن من قال:
(لا سهل إلا ما جعلت سهلا * وإن تشأ تجعل بحزن وحلا) فتبارك الله الفعال لما يريد لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع وهو على كل شيء قدير.
ذكر قصد كيكاوس ولاية حلب وطاعة صاحبها للأشرف وانهزام كيكاوس في هذه السنة سار عز الدين كيكاوس بن كيسخرو ملك الروم إلى ولاية حلب قصدا للتغلب عليها ومعه الأفضل بن صلاح الدين يوسف.
وسبب ذلك انه كان بحلب رجلان فيهما شر كثير وسعاية بالناس فكانا ينقلان إلى صاحبها الملك الظاهر بن صلاح الدين عن رعيته فأوغروا صدره فلقي الناس منهما شدة فلما توفي الظاهر وولي الأمر شهاب الدين طغرل أبعدهما ممن يفعل فعلهما وسد هذا الباب على فاعله ولم يطرق إليه أحدا من أهله فلما رأى الرجلان كساد سوقهما لزما بيوتهما وثار بهما الناس وآذوهما وتهددوهما لما كانا أسلفاه من الشر فخافا ففارقا حلب وقصدا كيكاوس فأطمعاه فيها وقررا في نفسه انه متى قصدها لا يثبت بين يديه وانه يملكها ويهون عليه ملك ما بعدها.