ذلك، ولأن ما عداها كان قتالا يسيرا من بعضهم مع بعض فلا حاجة إلى ذكره.
ولما نزل السلطان عليهم لم يقدر على الوصول إليهم ولا إلى عكا حتى انسلخ رجب ثم قاتلهم مستهل شعبان فلم ينل منهم ما يريد وبات الناس على تعبية فلما كان الغد باكرهم القتال بحده وحديده واستدار عليهم من سائر جهاتهم من بكرة إلى الظهر وصبر الفريقان صبرا حار له من رآه.
فلما كان وقت الظهر حمل عليهم تقي الدين حملة منكرة من الميمنة على من يليه منهم فأزاحهم عن مواقفهم فركب بعضهم بعضا لا يلوي أخ على أخ والتجؤوا إلى من يليهم من أصحابهم واجتمعوا بهم وأخلوا نصف البلد وملك تقي الدين مكانهم والتصق بالبلد وصار ما أخلوه بيده ودخل المسلمون البلد وخرجوا منه واتصلت الطرق وزال الحصر عمن فيه وأدخل صلاح الدين إليه من أراد من الرجال وما أراد من الذخائر والأموال والسلاح وغير ذلك ولو أن المسلمين لزموا قتالهم إلى الليل لبلغوا ما أرادوه فإن للصدمة الأولى روعة لكنهم لما نالوا منهم هذا القدر أخلدوا إلى الراحة وتركوا القتال وقالوا نباكرهم غدا ونقطع دابرهم.
وكان في جملة من أدخله صلاح الدين إلى عكا من جملة الأمراء حسان الدين أبو الهيجاء السمين وهو من أكابر امراء عسكره وهو من الأكراد الخطية من بلد إربل وقتل من الفرنج هذا اليوم جماعة كبيرة.