ذكر وفاة نور الدين أرسلان شاه وشئ من سيرته في هذه السنة أواخر رجب توفي نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زنكي بن آقسنقر صاحب الموصل وكان مرضه قد طال ومزاجه قد فسد وكانت مدة ملكه سبع عشرة سنة وأحد عشر شهرا وكان شهما شجاعا ذا سياسة للرعايا شديدا على أصحابه فكانوا يخافونه خوفا شديدا وكان ذلك مانعا من تعدي بعضهم على بعض وكان له همة عالية أعاد ناموس البيت الأتابكي وجاهه وحرمته بعد ان كانت قد ذهبت وخافه الملوك وكان سريع الحركة في طلب الملك إلا أنه لم يكن له صبر فلهذا لم يتسع ملكه ولو لم يكن له من الفضيلة إلا أنه لما رحل الكامل بن العادل عن ماردين كما ذكرناه سنة خمس وتسعين وخمسمائة عف عنها وأبقاها على صاحبها ولو قصدها وحصرها لم يكن فيها قوة الامتناع لأن من كان بها كانوا قد هلكوا أو ضجروا ولم يبق لهم رمق فأبقاها على صاحبها ولما ملك استغاث إليه انسان من التجار فسأل عن حاله فقيل إنه قد أدخل قماشه إلى البلد ليبيعه فلم يتم له البيع ويريد إخراجه وقد منع من ذلك فقال من منعه فقيل ضامن البز يريد منه ما جرت به العادة من المكس.
وكان القيم بتدبير مملكته مجاهد الدين قايماز وهو إلى جانبه فسأله عن العادة كيف هي؟ [فقال]: إن اشترط صاحبه إخراج متاعه مكن من اخراجه وان لم يشترط ذلك لم يخرج حتى يؤخذ ما جرت العادة