كثرتها كان في ست جمع مع أنها في أيدي أشجع الناس وأشدهم عداوة للمسلمين فسبحان من إذا أراد أن يسهل الصعب فعل وهي جميعها من أعمال أنطاكية ولم يبق لها سوى القصير وبغراس ودرب ساك وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى في مكانه.
ذكر فتح برزية لما رحل صلاح الدين من قلعة الشغر سار إلى قلعة برزية وكانت قد وصفت له وهي تقابل حصن أفامية وتناصفها في أعمالها وبينهما بحيرة تجتمع من ماء العاصي وعيون تتفجر من جبل برزية وغيره وكان أهلها أضر شيء على المسلمين يقطعون الطريق ويبالغون في الأذى فلما وصل إليها نزل شرقيها في الرابع والعشرين من جمادى الآخرة ثم ركب من الغد وطاف عليها لينظر موضعا يقاتلها منه فلم يجده إلا من جهة الغرب فنصب له هناك [خيمة] صغيرة ونزل فيها ومعه بعض العسكر جريدة لضيق المواضع.
وهذه القلعة لا يمكن أن تقاتل من جهة الشمال والجنوب البتة فإنها لا يقدر أحد أن يصعد جبلها من هاتين الجهتين وأما الجانب الشرقي فيمكن الصعود منه لكن لغير مقاتل لعلوه وصعوبته وأما جهة الغرب فإن الوادي المطيف بجبلها قد ارتفع هناك ارتفاعا كثيرا حتى قارب القلعة بحيث يصل منه حجر المنجنيق والسهام فنزل له المسلمون ونصبوا عليه المنجنيقات ونصب أهل القلعة عليها منجنيقا بطلها.