ذكر فتح حصن بكأس والشغر ثم سار صلاح الدين عن صهيون ثالث جمادى الآخرة فوصل إلى قلعة بكأس [فرأى الفرنج قد أخلوها وتحصنوا بقلعة الشغر فملك قلعة بكأس] بغير قتال وتقدم إلى قلعة الشغر وهي وبكاس على الطريق السهل المسلوك إلى لاذقية وجبلة والبلاد التي افتتحها صلاح الدين من بلاد الشام الإسلامية.
فلما نازلها رآها منيعة حصينة لا ترام ولا يوصل إليها بطريق من الطرق، إلا أنه أمر بمزاحفتهم ونصب المنجنيق عليهم ففعلوا ذلك ورمى بالمنجنيق فلم يصل من أحجاره إلى القلعة شيء إلا القليل الذي لا يؤذي فبقي المسلمون عليه أياما لا يرون فيه طمعا وأهله غير مهتمين بالقتال لامتناعهم عن ضرر يتطرق إليهم وبلاء بنزل عليهم.
فبينما صلاح الدين جالس وعنده أصحابه وهم في ذكر القلعة وإعمال الحيلة في الوصول إليها فقال بعضهم هذا الحصن كما قال الله تعالى (فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا) فقال صلاح الدين أو يأتي الله بنصر من عنده وفتح.
فبينما هم في هذا الحديث إذ قد أشرف عليهم فرنجي ونادى بطلب الأمان لرسول يحضر عند صلاح الدين فأجيب إلى ذلك ونزل رسول وسأل انتظارهم ثلاثة أيام فإن جاءهم من يمنعهم، وإلا سلموا القلعة بما فيها