كل يوم ليشغلهم عن قتال من بعكا من المسلمين فكانوا يقاتلون الطائفتين ولا يسأمون.
ذكر إحراق الأبراج ووقعة الأسطول كان الفرنج في مدة مقامهم على عكا قد عملوا ثلاثة أبراج من الخشب عالية جدا طول كل برج منها خمس طبقات كل طبقة مملوءة من المقاتلة وقد جمع أخشابها من الجزائر فإن مثل هذه الأبراج العظيمة لا يصلح لها من الخشب الا القليل النادر وغشوها بالجلود والخل والطين والأدوية التي تمنع النار من إحراقها وأصلحوا الطرق لها وقدموها نحو مدينة عكا من ثلاث جهات وزحفوا بها من العشرين من ربيع الأول فأشرفت على السور وقاتل من بها من عليه فانكشفوا وشرعوا في طم خندقها فأشرف البلد على أن يملك عنوة وقهرا.
فأرسل أهله إلى صلاح الدين إنسانا سبح في البحر فأعلمه ما هم فيه من الضيق وما قد أشرفوا عليه من أخذهم وقتلهم فركب هو وعساكره وتقدموا إلى الفرنج وقاتلهم من جميع جهاتهم قتالا عظيما دائما يشغلهم عن مكاثرة البلد فافترق الفرنج فرقتين فرقة تقاتل صلاح الدين وفرقة تقاتل أهل عكا إلا أن الأمر قد خف عمن بالبلد ودام القتال ثمانية أيام متتابعة آخرها الثامن والعشرون من الشهر، وسئم الفريقان القتال، وملوا منه لملازمته